ميمات “شلل الأطفال” و”الحصبة” تغمر وسائل التواصل الاجتماعي بعد تعيين آر إف كيه جونيور سكرتيرًا لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية
كان اختيار الرئيس المنتخب دونالد ترامب لروبرت ف. كينيدي جونيور وزيرا جديدا للصحة والخدمات الإنسانية سببا في ضجيج وسائل التواصل الاجتماعي بالميمات حول “شلل الأطفال”، و”الحصبة”، وغير ذلك من الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات. شكك آر إف كي جونيور، المعروف بآرائه المثيرة للجدل بشأن التطعيمات، منذ فترة طويلة في سلامة اللقاحات، مما أثار رد فعل قويًا من المؤيدين والنقاد على حد سواء.
تلعب وزارة الصحة والخدمات الإنسانية دورًا حاسمًا في الصحة العامة، حيث تشرف على الوكالات الصحية الرئيسية مثل مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، وإدارة الغذاء والدواء (FDA)، والمعاهد الوطنية للصحة (NIH). وأشاد ترامب باختيار كينيدي، قائلًا: “إن سلامة وصحة جميع الأمريكيين هي أهم دور لأي إدارة، وستلعب وزارة الصحة والخدمات الإنسانية دورًا كبيرًا في المساعدة على ضمان حماية الجميع من المواد الكيميائية الضارة والملوثات والمبيدات الحشرية والمنتجات الصيدلانية”. والمضافات الغذائية التي ساهمت في الأزمة الصحية الساحقة في هذا البلد. يشير بيان ترامب إلى نهج الإدارة الذي يتضمن إعادة النظر في الصناعات الدوائية والزراعية، بما يتماشى مع شكوك كينيدي تجاه تأثير الشركات على الصحة العامة.
أثار تاريخ كينيدي في قضايا سلامة اللقاحات جدلاً واسع النطاق. كان كينيدي منتقدًا صريحًا للعديد من اللقاحات، بما في ذلك كوفيد-19 والعديد من تطعيمات الأطفال، وقد أثار مخاوف بشأن سلامة اللقاحات وشفافيتها. وفي عام 2023، ذهب إلى حد الزعم بأنه “لا يوجد لقاح آمن وفعال”، الأمر الذي أثار انتقادات من خبراء الصحة العامة. بالإضافة إلى ذلك، قام علنًا بالترويج لنظريات مفضوحة تربط اللقاحات بمرض التوحد، وحث الآباء على “مقاومة” إرشادات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
جعلت هذه الآراء كينيدي شخصية مستقطبة في ساحة السياسة الصحية. وفي حين يؤكد أنه ليس “مناهضا للقاحات”، فإنه يدعو إلى حرية الاختيار فيما يتعلق بالتطعيمات، وشكك مرارا وتكرارا في الدقة العلمية وراء دراسات سلامة اللقاحات. وفي مقابلة مع شبكة “إم إس إن بي سي”، أصر كينيدي قائلاً: “لن أقوم بأخذ اللقاحات من أي شخص. لم أكن أبدًا ضد اللقاحات. وبدلاً من ذلك، أعلن التزامه بتزويد الأميركيين بالمعلومات حتى يتمكنوا من إجراء “تقييمات فردية”.
وسرعان ما أثار هذا الإعلان سيلاً من الردود على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث نشر المستخدمون صورًا مضحكة تصور أمراضًا مثل شلل الأطفال والحصبة والجدري – وهي أمراض تم القضاء عليها إلى حد كبير في الولايات المتحدة بفضل التطعيم على نطاق واسع. أعرب العديد من المستخدمين عن قلقهم من أن قيادة كينيدي يمكن أن تهدد هذه الإنجازات في مجال الصحة العامة، باستخدام الفكاهة والسخرية للتعبير عن عدم ارتياحهم. وصورت منشورات تويتر والتعليقات عبر المنصات صورا لرئتين حديديتين (كانت تستخدم تاريخيا لمرضى شلل الأطفال) وتفشي مرض الحصبة، مما يشير بشكل فكاهي إلى أنها قد “تعود”.
بالنسبة لمؤيديه، يمثل كينيدي تحولا نحو قدر أكبر من الرقابة على ما يعتبرونه تأثيرا غير مراقب للشركات في مجالي الصحة والطب. وهم يشيدون بتشككه في شركات الأدوية، ويرون فيه بطلاً لـ “الحرية الطبية” و”الشفافية”. ومع ذلك، يرى منتقدوه أن موقف كينيدي يمكن أن يعيق التقدم المحرز في مجال الصحة العامة وربما يغذي التردد في اللقاحات. ويشعر الخبراء بالقلق من أن هذا النهج قد يضعف ثقة الجمهور في اللقاحات وغيرها من التدابير الصحية الوقائية، مما قد يؤدي إلى زيادة تفشي الأمراض التي يمكن الوقاية منها.
وقد أكدت سلطات الصحة العامة باستمرار على أن اللقاحات كانت واحدة من أكثر الأدوات فعالية في مكافحة الأمراض المعدية. لعقود من الزمن، أدت معدلات التطعيم المرتفعة إلى إبقاء أمراض مثل الحصبة وشلل الأطفال تحت السيطرة في الولايات المتحدة، لكن الاتجاه نحو التردد في اللقاح في السنوات الأخيرة أدى بالفعل إلى ظهور جيوب من تفشي المرض، وخاصة في المجتمعات ذات معدلات التحصين المنخفضة. أثار ترشيح كينيدي قلق العديد من الخبراء من أن هذا الاتجاه قد يتسارع، مما يعرض مكاسب الصحة العامة للخطر ويشكل خطرًا على السكان المعرضين للخطر.
وبينما يستعد كينيدي للاضطلاع بهذا الدور، فإن تحديات الموازنة بين أولويات الصحة العامة وحرية الاختيار تلوح في الأفق. وبينما يصر على أنه ليس لديه أي نية لفرض أو حظر اللقاحات، فإن سجله يشير إلى التركيز على إعادة تقييم السياسات الصحية الحالية، الأمر الذي قد يثير مناقشات مثيرة للجدل حول التطعيم، والحريات الصحية، والشفافية الطبية.
في نهاية المطاف، تسلط الصور الساخرة المتداولة عبر الإنترنت الضوء على القلق الذي يشعر به العديد من الأميركيين بشأن الدور الجديد الذي سيلعبه كينيدي. ومن المرجح أن تستمر قيادته لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية في الخضوع للتدقيق، خاصة من أولئك الذين يخشون أن تؤدي آرائه بشأن اللقاحات إلى تقويض الثقة في برامج الصحة العامة الأساسية.