تونجي ألاوسا واستراتيجية التعليم الكبرى في نيجيريا – بقلم داكوكو بيترسايد
إن التحديات التي يواجهها القطاع التعليمي في نيجيريا معقدة وملحة، وتشمل رداءة الجودة، وعدم كفاية التمويل، ومحدودية الوصول، والمناهج الدراسية التي عفا عليها الزمن. تشير تقارير البنك الدولي إلى أن قطاع التعليم في نيجيريا يعاني من نقص حاد في التمويل، حيث تم تخصيص حوالي 7٪ فقط من الميزانية الفيدرالية للتعليم في عام 2024، وهو أقل بكثير من النسبة التي أوصت بها اليونسكو والتي تتراوح بين 15٪ إلى 20٪ اللازمة لإحداث تأثير ملموس. تؤثر هذه القضايا النظامية بشكل كبير على الاقتصاد والنسيج الاجتماعي في نيجيريا، وتساهم في البطالة والفقر وعدم المساواة. إن الحاجة إلى الإصلاح واضحة وملحة: فتحويل التعليم يشكل أهمية بالغة لنمو نيجيريا العالمي وقدرتها التنافسية.
يعد تعيين الدكتور تونجي ألاوسا مؤخرًا وزيرًا للتعليم في نيجيريا خطوة حاسمة ومفعمة بالأمل في مهمة الأمة العاجلة لتنشيط نظامها التعليمي. ويؤكد هذا التغيير في قيادة وزارة التعليم التزام الرئيس بإعطاء الأولوية لإصلاح التعليم باعتباره حجر الزاوية في التنمية الاجتماعية والاقتصادية في نيجيريا. يعكس تعيين الدكتور ألاوسا في الوزارة الرغبة في قيادة ذات مصداقية تعطي الأولوية للكفاءة والخبرة والنزاهة على الدوافع السياسية. وبعد أن عمل الدكتور ألاوسا في النظام الجامعي في ثلاث قارات، فإنه يجلب أملاً جديدًا للإصلاح في قطاع التعليم. ويشير تعيينه إلى الالتزام بالسياسات المؤثرة التي تركز على الشفافية والمساءلة. ومن خلال خلفيته القوية في التعليم والإدارة، من المتوقع أن يجلب الخبرة والمعرفة إلى الوزارة، مما يساعد على الابتعاد عن السياسات والممارسات غير الفعالة في الماضي.
لعقود من الزمن، واجه قطاع التعليم في نيجيريا إخفاقات منهجية أثرت على جميع مستويات التعليم. وفي التعليم الابتدائي، هناك أكثر من 10.5 مليون طفل نيجيري غير ملتحقين بالمدارس، وهو ما يمثل أعلى معدل على مستوى العالم للأطفال غير الملتحقين بالمدارس. وتتواجد غالبيتهم في المناطق الشمالية المتضررة من الفقر والصراع. وتفتقر العديد من المدارس الابتدائية إلى المرافق الأساسية مثل المياه النظيفة، والفصول الدراسية العملية، والمواد التعليمية، مما يؤدي إلى بيئة لا تشجع على التعلم والنمو.
وعلى المستوى الثانوي، تكون معدلات الانتقال منخفضة، حيث لا يلتحق العديد من الأطفال الذين أكملوا المرحلة الابتدائية بالتعليم الثانوي. وتتأثر هذه الفجوة بعوامل مثل الفقر وعمالة الأطفال وعدم كفاية البنية التحتية، مما يؤدي إلى معدلات كبيرة للتسرب وفجوات تعليمية. بالإضافة إلى ذلك، مع وجود عدد قليل من المدارس الثانوية في نيجيريا التي توفر مختبرات العلوم، غالبا ما يكون الطلاب غير مستعدين لشغل وظائف في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، وهي المجالات التي تعتبر بالغة الأهمية للقدرة التنافسية لنيجيريا في المستقبل.
وتمتد التحديات إلى مستوى التعليم العالي، حيث تعاني الجامعات النيجيرية من فصول دراسية مكتظة، ومحدودية التمويل البحثي، وإضرابات الموظفين المزمنة. لدينا قدرات أعضاء هيئة التدريس دون المستوى الأمثل ومخرجات بحثية قليلة. مع وجود ما يقرب من مليوني متقدم يتنافسون على أقل من 600000 مكان كل عام، فإن قطاع التعليم العالي في نيجيريا يعجز بشكل كبير عن تلبية الطلب على التعليم العالي. وعلاوة على ذلك، يبلغ معدل البطالة بين الخريجين في نيجيريا 33%، وهو ما يسلط الضوء على عدم التوافق بين التدريب الجامعي والمهارات المطلوبة في سوق العمل. يجادل البعض بأن بعض خريجينا عاطلون عن العمل. ويوضح هذا الوضع الحاجة الملحة لإصلاح المناهج الدراسية، وتعزيز الروابط بين الأوساط الأكاديمية والصناعة، ووضع استراتيجية شاملة لمعالجة فجوة المهارات.
يجب على الوزير الجديد أن يدعو إلى إصلاحات فورية في ستة مجالات حاسمة يمكن أن تضع الأساس للنجاح والتحول على المدى الطويل في قطاع التعليم في نيجيريا.
أولا، من الضروري إجراء تغييرات واسعة النطاق في السياسات وتوفير التمويل الآمن للتعليم الابتدائي. ومع ذلك، من المهم التأكد من أن استقلالية الحكومة المحلية لا تهدد الدعم المستمر للمدارس الابتدائية. وفي حين أن هيئات الحكم المحلي مسؤولة عن تمويل التعليم الابتدائي، فإننا نعلم أن هذا غير ممكن من الناحية العملية. ينبغي لوزارة التعليم الاتحادية أن تقترح سياسة تشمل المستويات الثلاثة لتمويل الحكومة للتعليم الابتدائي. مرة أخرى، تحتاج الحكومات الفيدرالية وحكومات الولايات إلى إحياء مفتشية المدارس.
ثانياً، تتطلب معالجة أزمة الأطفال غير الملتحقين بالمدارس حلولاً مستهدفة، خاصة في المجتمعات المهمشة والريفية حيث تشتد الحاجة إليها. على سبيل المثال، أظهرت برامج مثل برنامج تقديم خدمات التعليم الأفضل للجميع (BESDA)، والذي يركز على إعادة تسجيل الأطفال في المدارس، نتائج واعدة في ولايات مثل كانو وكاتسينا. ومع ذلك، ستكون هناك حاجة إلى مزيد من الاستثمار والتوسع في مثل هذه البرامج لإحداث تغيير كبير في عدد السكان غير الملتحقين بالمدارس. وستكون المبادرات المحددة التي تستهدف الفتيات، اللاتي يشكلن أكثر من 60% من الأطفال غير الملتحقين بالمدارس في نيجيريا، ضرورية لضمان المساواة بين الجنسين في التعليم والحد من الحواجز التي تمنع الفتيات الصغيرات من إكمال تعليمهن.
يعد تحسين معايير الجودة في جميع المستويات التعليمية أمرًا بالغ الأهمية أيضًا. إن وضع معايير صارمة للمؤسسات وتنفيذ أنظمة المساءلة سيساعد في تحقيق الاتساق والتميز. على سبيل المثال، تهدف برامج مثل مبادرة ضمان الجودة التي قدمتها اللجنة العالمية للتعليم الأساسي إلى مراقبة وتقييم أداء المدارس الابتدائية، ولكن المبادرات المماثلة يجب توسيع نطاقها وتوسيع نطاقها لتشمل المرحلتين الثانوية والجامعية. يجب مراجعة طريقة تقييم الطلاب الفرديين.
علاوة على ذلك، يعد تعزيز عمليات تدريب المعلمين وإصدار الشهادات أمرًا أساسيًا لتحسين الجودة. يفتقر أكثر من 50% من المعلمين النيجيريين إلى المؤهلات اللازمة للتدريس بفعالية. يمكن لنيجيريا أن تضمن حصول المعلمين على المهارات والمعرفة اللازمة لتقديم تعليم عالي الجودة من خلال التركيز على التوظيف وإصدار الشهادات والتطوير المهني المستمر.
يعد ضمان الوصول والإنصاف مجالًا حيويًا آخر للتركيز. لا تزال الفجوات في الوصول إلى التعليم الجيد في المناطق الحضرية والريفية تشكل تحديًا كبيرًا، حيث يتأثر أطفال الريف بشكل غير متناسب. ومن الممكن أن يساعد دعم البنية التحتية والسياسات للمناطق المحرومة في سد هذه الانقسامات. وقد نجحت مبادرات مثل لجان الإدارة المدرسية، والتي تشرك أفراد المجتمع في إدارة المدارس، في تحسين المساءلة المحلية وزيادة معدلات الالتحاق بالمدارس في المناطق الريفية. وسيكون توسيع هذه الأساليب المجتمعية فعالا في تحقيق التعليم العادل لجميع الأطفال النيجيريين.
المنهج نفسه يحتاج إلى إصلاح شامل. في عالم تقوده التكنولوجيا والابتكار، يحتاج الطلاب النيجيريون إلى تعليم يؤكد على التفكير النقدي والإبداع والقدرة على التكيف، ومواءمتهم مع المعايير العالمية وإعدادهم للمهن التنافسية. وتهدف برامج مثل السياسة الوطنية لتعليم العلوم والتكنولوجيا إلى تجديد المناهج الدراسية لتعزيز المهارات الأساسية، ولكن التنفيذ كان غير متسق. يجب علينا أن نبذل جهدًا على المستوى الوطني لتقديم موضوعات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) في وقت مبكر.
وفيما يتعلق بالبنية التحتية، فإن الاستثمار في الموارد المادية والتكنولوجية سيعزز بيئة التعلم. وتظهر البيانات الصادرة عن وزارة التعليم الاتحادية أن 30% فقط من المدارس الثانوية لديها إمكانية الوصول إلى المكتبات الوظيفية، وعدد أقل من ذلك لديه الموارد الرقمية اللازمة لدعم التعليم الحديث. سيكون تطوير المرافق، ووضع خطط الصيانة المستدامة، وإدخال موارد التعلم الرقمية في المدارس أمرًا ضروريًا لخلق بيئة تعليمية مواتية.
ولمواجهة هذه التحديات، يمكن للدكتور ألاوسا أن يفكر في تنفيذ العديد من الاستراتيجيات المبتكرة. أولا، يمكن تقديم برنامج وطني لتكنولوجيا التعليم (EdTech) للاستفادة من الحلول الرقمية وسد الفجوات في الوصول إلى التعليم. إن توفير أجهزة لوحية ميسورة التكلفة محملة مسبقًا بمناهج تفاعلية للطلاب في المناطق الريفية يمكن أن يحسن الوصول إلى موارد التعلم ويعزز تجربة التعلم الشاملة. ويمكن تطوير هذا البرنامج بالشراكة مع شركات تكنولوجيا التعليم، لتمكين الطلاب من الوصول إلى الموارد الرقمية والدروس التفاعلية وأدوات التعلم التكيفية المصممة خصيصًا لتناسب تقدمهم.
إن إنشاء مبادرة وطنية للعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات من شأنه أن يعالج نقص المهارات العلمية والتكنولوجية في نيجيريا. إن إنشاء مدارس متخصصة تركز على العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات ومجهزة بمختبرات متقدمة ومعلمين مدربين من شأنه أن يساعد الطلاب على تطوير الكفاءات في المجالات الحيوية. ومن الممكن أن تعمل المبادرة أيضًا على تعزيز برنامج “العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات للفتيات”، وتوفير فرص الإرشاد والمنح الدراسية لتشجيع مشاركة الفتيات الصغيرات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
ولمعالجة معدلات البطالة المرتفعة وعدم تطابق المهارات بين الخريجين، يمكن للدكتور ألاوسا تقديم مسارات مهنية ضمن التعليم الثانوي. إن “نموذج التعليم المزدوج”، المشابه للنموذج الألماني، من شأنه أن يجمع بين التعلم الأكاديمي والتدريب العملي على الصناعة. ومن الممكن أن يوفر توفير المسارات المهنية في النجارة ومحو الأمية الرقمية والزراعة للطلاب مهارات عملية، مما يزيد من إمكانية توظيفهم بعد التخرج. ولدعم هذا النموذج، من الممكن أن تساعد الشراكات بين القطاعين العام والخاص في خلق اتصال سلس بين المدارس والصناعات.
يمكن للدكتور ألاوسا أيضًا إطلاق أكاديمية لتدريب المعلمين وتمكينهم لتحسين جودة التدريس على المستوى الوطني. ستركز هذه الأكاديمية على أساليب التدريس الحديثة ومحو الأمية الرقمية وأساليب تدريس العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، مما يضمن أن المعلمين مجهزون جيدًا لتلبية متطلبات المشهد التعليمي اليوم. يمكن الوصول إلى الأكاديمية كمورد عبر الإنترنت ومن خلال الجلسات الشخصية، وستوفر التطوير المهني المستمر للمعلمين، مما يؤدي إلى شهادات وفرص للتقدم الوظيفي.
ومن الممكن إنشاء مراكز إقليمية لابتكار المناهج الدراسية لضمان بقاء المناهج الدراسية في نيجيريا ذات أهمية. وستعمل هذه المراكز مع خبراء الصناعة والجامعات والمعلمين لتحديث المناهج الدراسية بشكل مستمر، ودمج التفكير النقدي والإبداع والمهارات المتوافقة مع الصناعة. ويمكن لمثل هذه المراكز أن تساعد في إبقاء المناهج الدراسية قابلة للتكيف مع متطلبات سوق العمل المتغيرة والاحتياجات التعليمية الإقليمية، مما يضمن إعداد الطلاب لمواجهة التحديات المستقبلية.
وأخيرا، من الممكن أن يوفر إنشاء حسابات الادخار للتعليم المساعدة المالية للأسر ذات الدخل المنخفض، وتمكينها من الادخار خصيصا لتعليم أبنائها. ومن الممكن استخدام مثل هذه الحسابات، المدعومة بمساهمات حكومية أو مدخرات مماثلة، لتغطية النفقات المرتبطة بالتعليم، مما يجعل التعليم في المتناول وفي متناول الأسر ذات الدخل المنخفض. يجب استخدام الأموال الحالية من ضريبة التعليم بشكل مناسب لتحسين النظام. ومن خلال السماح للشركات “بتبني مدرسة” والاستثمار في المرافق أو التكنولوجيا أو المكتبات، فإن الشراكات بين القطاعين العام والخاص من شأنها أن تخفف بعض الضغوط المالية المفروضة على الحكومة وتحسين تجربة التعلم في جميع أنحاء نيجيريا.
ويتطلب قطاع التعليم في نيجيريا استراتيجية متماسكة وطويلة الأجل لضمان التحسن المستدام. وينبغي أن تتضمن الخطة الشاملة التعاون بين صناع السياسات والمعلمين و”الصناعة” و”أصحاب المصلحة” والمجتمعات، مما يخلق رؤية موحدة لمستقبل التعليم. ويجب أن تتضمن هذه الاستراتيجية الكبرى آليات للمساءلة، والشفافية، والاستثمار المستدام. ورغم أن الطريق إلى الإصلاح الحقيقي لا يخلو من التحديات، فإن التغيير التحويلي في النظام التعليمي في نيجيريا أمر ممكن. يشير تعيين الدكتور تونجي ألاوسا إلى التركيز المتجدد على جعل نظام التعليم في نيجيريا محركًا قويًا للتقدم، ومحور التحول من الاقتصاد القائم على الموارد إلى الاقتصاد القائم على المعرفة، وتزويد الشباب النيجيري بالمهارات والمعرفة اللازمة للمساهمة في نمو الأمة. والازدهار. ومن خلال الالتزام والابتكار والمثابرة، يصبح من الممكن تنشيط قطاع التعليم في نيجيريا لتلبية احتياجات الأجيال القادمة.